يطيب لي أن أرحب بكم و أقدم لكم في كلمات موجزة إتحاد أطباء العرب في اوروبا ، والتي انطلقت في عام 1983 م كمنارة ثقافية وإجتماعية و تعليمية بهدف إقامة تجمع مهني للأطباء العرب المقيمين في المهجر، فهو منظمة طبية علمية وإغاثية معترف بها من قبل هيئة الأمم المتحدة مركزها المانيا، ولها فروع في كل من بريطانيا، وفرنسا ، وبولندا وإيرلندا والنمسا ، واتصال وثيق مع زملاء من سويسرا وأيطاليا وبعض دول أوروبا الشرقية وروسيا. ويخاطب الأتحاد ما يزيد على الفي طبيب في أوروبا لا تقع تحت تأثير أيّة حكومة أو سُلطة دينية تسعى إلى خدمة أغراض عامة لا تهدف إلى الربح و فقًا لمفهوم الفقرة الخاصة "بالأغراض المعفاة ضرائبيا "في قانون الضرائب الألمانية وتعمل بدون منفعة ذاتية لدعم وتأييد العمل التَعاوني العلمي الطبي العربي في اوروبا
إن إتحاد الأطباء العرب في أوروبا إذ يدرك مدى المسؤولية الملقاة على عاتقيه من مهام وواجبات، سواء على المستوى العلمي، أو الأجتماعي، أو التراثي، أو الإغاثي،فإنه يعتقد أن من أهم الواجبات، إقامة جسر متين، وتعاون وثيق مع أطباء الوطن العربي، وذلك لزيادة المعرفة والاطلاع على الأوضاع الصحية فيها، إلى جانب نقل المعرفة الحديثة من علمائنا وعلماء الغرب. وتكمن أهدافها في تشجيع البحث العلمي، والتربية والتعليم، و التفكير الحر،والإبداع في العلوم الطبية لدى الأطباء العرب والعاملين في الحقل الطبي في اوروبا ولأشخاص يستحقون ذلك بفضل إنجازاتهم في أي بلد عربي او اوروبي. لنبني علاقات في المجال الطبي وتطوير العمل المشترك بهدف الإبداع واكثر جدّية نحو العمل والإنتاج وإعادة بناء الانتماء العربي
. وقد كانت من أولويات اهتمامات إتحاد أطباء العرب في اوروبا هو تنمية القدرات العلمية والتقنية للأطباء للعاملين في اوروبا، فبرزت الضرورة لتجميع العلميين العرب من أساتذة جامعات وباحثين وأطباء بإدارة تجمعهم . وهكذا تحددت الغاية الأولى للإتحاد المتمثلة بتوفير ملتقى لقاعدة واسعة من العلميين والخبراء العرب. أما الآلية المعتمدة لتحقيق هذه الغاية فقد تمحورت أساساً حول إقامة مؤتمرات وتنظيم حلقات تخصصية وندوات علمية مميزة يتم التخطيط لها تباعاً وتستجيب للحاجات المنظورة والمستجدة.
يتوجب تشجيع من يقوم بدور فعّال مبدع من خلال إسهامه في البحث عن أبعاد وآفاق جديدة وإيجاد حلول جديدة للقضايا الطبية المعاصرة. حلول لا سابق لها. لعلها حلول إيجابية فالإبداع هو خلق الجديد المُفيد والمُلائم للإنسان. إن الصراع بين مؤيدي التراث التقليدي ومؤيّدي تيار التجديد الجذري يُحدث جدلا نشطًا ويشجع إيجاد أجوبة واقعية مقنعة . ويمكن أن تتبلور جراء ذلك واقعية جديدة تصبح صفة إيجابية، ملازمة، مميزة للعالم العربي . لهذا السبب نرحب بالحوار الصريح المفتوح كل الترحيب . إن نجاح الحوار بين الآراء الفكرية المختلفة وتبادل الخبرات وكسب الثقة, سيكون مضمونا طالما توافرت الفرص والمناسبات لإبداء هذه الأفكار.
عندما ننظر الآن نجد أن هوّة الفرق بين الحضارة الغربية السّائدة والعالم الثالث ومنهم بلاد العرب أصبحت من العمق بحيث ان اللحاق بها يكاد يكون من الأوهام . كانت كل الاكتشافات والاختراعات والنظريات العلمية والفلسفية طيلة القرون الستة الماضية من نصيب الغرب وحده . ولاشك أن الاعتراف بهذا السبق مؤلم بالنسبة لمن يرتبط تراثيًّا وحضاريًّا بالعالم العربي و يسيطر الغرب على العالم العربي علميا واقتصاديًا وحضاريًا بواسطة استخدام المعرفة والعلم والتحليل العقلي . بل أصبح يحدّد مجريات العالم أجمعه وأمست حضارات الدول النامية وحضارة العرب تابعة للغرب تدور في فلكه. بالتأكيد هذا وضعٌ غير مقبول ينبغي أن لا نتقبله او ننام عليه
إن الحضارة الغربية السائدة ليست وحدها التي بذرت وأنبتت هذه القيم إنما ساهمت فيها كلّ الحضارات بتراكم المعرفة وتطور الفكر الإنساني على هذا النحو المشترك. وقد سبق للمفكرين العرب إن نقلوا واستوعبوا وطوروا الحضارات السابقة لهم، مثل الحضارة الإيرانية والهندية واليونانية، فيكون العرب قد ساهموا بالحضارة الغربية، حيث كانوا جسرًا بين الحضارة الإغريقية والغربية الحالية.
إن جو الفكر الحر والتسامح بالرأي والفكر الآخر والحوار المشترك والتمسك بالمبادىء الرئيسية وتبادل الخبرات هو الأساس الذي عليه تتكوّن الحضارات . إن تبّني ُ طرُق تفكير جديدة لا يعني التكيف والارتباط بالغرب : معظم الحضارات العالمية قد ساهمت في تطور تلك القيم التي يُقالُ الآن عنها بأنها غربية لكنها أصبحت الآن مبادئ يرتشد بها الجميع . فهي قيم إنسانية عالمية . تطبيقها في العالم العربي، يعني أننا نعيد التوجه نحو الذات، لنقوم ضمنًا بإحياء مَنْ تحّلى بهذه القيم مثل أبي العلاء المعري وابن سينا وابن خلدون وابن رشد وابن طفيل وآخرين كثيرين ساهموا بشكل فعّال في الحضارة الإنسانية.
من الضرورة أن تكون الشعوب العربية صانعة للحضارة من جديد . من الضروري أن تصبح شريكة في إثراء الحضارة العالمية بدلا من أن تكون تابعة. وهذه من نسعى اليه