الفيزياء تنقض نظرية التطور
اعتراضات وتبريرات
ملخص المقالة السابقة
ذكرنا في المقالة السابقة ان هناك نظرتين مختلفتين بل متعاكستين لتفسير عمليات الحركة والتحول في العالم وفي الكون ، إحداهما نظرة نظرية التطور التي تقول بأن العالم والكون في تطور مستمر نحو الأفضل ونحو الأحسن، وان هذا الميل الى التطور هو الذي قاد الكون من حالته البدائية البسيطة الاولى الى الحالة المركبة والمعقدة والمنظمة الحالية للكون، وأدى في النهاية الى ظهور الحياة التي تطورت من خلية حية واحدة الى هذه الأشكال المتنوعة والمعقدة التركيب من النباتات والحيوانات التي تعد بالملايين والذي يمثل الإنسان الحلقة الأخيرة العليا لهذه العملية التطورية.
والنظرة الأخرى هي نظرة علم الفيزياء وتقول ان جميع التحولات الجارية في الكون هي نحو الأسوأ ونحو التحلل والانهدام والموت ..
. أي ان كل شيء يتحلل بمرور الزمن ويتفكك وينحل ...اي ان الكون يسير نحو الموت ، وان الزمن ليس عامل بناء بل هو عامل هدم. فهذا هو تفسير القانون الثاني للديناميكا الحرارية. وهو قانون وليس نظرية ، أي هو قانون يتفق على صحته جميع العلماء بأجمعهم، وهناك آلاف التجارب المختبرية التي تثبت صحته.وعندما يتعارض قانون علمي مع نظرية لم تثبت صحتها بعد فالسلوك العلمي يحتم علينا أخذ القانون ونبذ النظرية.
في هذه المقالة سنورد بعض الاستفسارات أو الاعتراضات، وبعد الاجابة عليها سنورد تبريرات علماء التطور ومحاولتهم انقاذ نظرية التطور من براثن هذا القانون.
أسئلة واعتراضات
قد يتساءل البعض أو يعترض على ما جاء أعلاه فيقول بأن هناك عمليات يزيد فيها النظام والتعقيد، فمثلا تنمو الأشجار الباسقات من بذور صغيرة ، وتتحول النطفة الى جنين ثم الى مخلوق متكامل الأعضاء، وتتحول مواد البناء من رمل وحصى وسمنت وحديد والمنيوم الى بناية شاهقة . لذا ألا يبرهن هذا على خطأ الحكم والتعميم السابق ؟.
لو تأملنا الموضوع بدقة وعمق لرأينا شمولية القانون الثاني للديناميكا الحرارية التي تقول بأنه لا توجد أي عملية تغير تلقائية يزداد فيها النظام والتعقيد ، وأنه في كل عملية تغيّر وتبدل هناك تحول لقسم من الطاقة من شكل يمكن الاستفادة منه الى شكل لا يمكن الاستفادة منه.
لنشرح هذا بإيجاز وتركيز:
أولا : نحن نقول بأن هذا القانون يشير إلى ان العمليات التلقائية تسير نحو التحلل والتفكك، ويسير من النظام الى الفوضى ( لأن جزءا من الطاقة يتحول الى شكل لا يمكن الاستفادة منه) ومن التعقيد الى البساطة ( لوجود عملية تحلل)، ولا نقصد العمليات التي يتدخل فيها الذكاء والإرادة الواعية.
مثلا : ان الماء يجري تلقائيا من الأعلى الى الأسفل ( أي باتجاه قوة الجاذبية في الأرض)، ولا يحدث العكس. ولكننا نستطيع باستخدام مضخة دفع الماء الى أعلى ... هنا لم تعد العملية عملية تلقائية ، بل عملية تدخل فيها الذكاء الإنساني والإرادة الإنسانية.
وكذلك فاٍن من المستحيل نشوء البنايات والجسور نتيجة عمليات تلقائية، وان مواد البناء كالسمنت والرمل والحديد ...الخ لا تستطيع التجمع تلقائيا لتنقلب الى عمارة أو الى جسر. ولكن يمكن هذا ان تدخل الذكاء والإرادة الإنسانية.
ونستطيع ذكر الشيء نفسه بالنسبة لنمو النباتات من بذور صغيرة ... فعملية النمو هذه ليست عملية تلقائية، بل هي نتيجة لوجود جهاز معقد خاص وبرمجة دقيقة جدا موضوعة داخل هذه البذور، وهي أعقد من أي جهاز صنعه الإنسان . وكما لا يمكن ان تتوقع نشوء برمجة معقدة ( بل حتى اي برمجة بسيطة) في جهاز كومبيوتر بشكل تلقائي، كذلك لا يمكن تكون البرامج المعقدة في البذور بشكل تلقائي.وهذا هو ما يقوله لنا القانون الثاني للديناميكا الحرارية، فالبرامج الموجودة في البذور أو في شفرات الجينات الوراثية في الإنسان أو الحيوان موجودة نتيجة إرادة إلهية، ولم تنشأ ذاتيا ولا يمكن أن تنشأ ذاتيا حسب ما يؤكده لنا هذا القانون الفيزيائي الشامل المقبول من قبل جميع العلماء.
ثانيا : حتى هذه العمليات التي يزداد فيها النظام ( كنمو النباتات ونمو الجنين وتشييد العمارات والأبنية ... ألخ) ليست الا عمليات مؤقتة مصيرها الى الزوال والموت والفناء ... أي لا مهرب أبدا من تحقق القانون الثاني للديناميكا الحرارية في نهاية المطاف، فكل شيء يسير نحو الموت والفناء عاجلا كان أم آجلا. فهذا هو مصير الشمس والأرض وجميع المجرات ...أي هو مصير الكون المنظور بأجمعه.
***** ***** ****
مبررات أنصار التطور
بدأ أنصار التطور يدركون مدى خطورة المفاهيم والنتائج التي يتضمنها هذا القانون الفيزيائي وكيف انه يوجه طعنة قاتلة لنظرية التطور ، لذا بدءوا بالبحث عن مبررات ومسوغات وعن تأويلات يستطيعون بها اٍنقاذ نظريتهم من التهديد القاتل لهذا القانون الفيزيائي.
سنستعرض هنا بعد قليل أهم هذه المبررات والمعاذير ... ولكن قبل هذا نقدم اعتراف أحد علماء التطور في هذا الموضوع وهو العالم " جيرمي رفكن Jeremy Rifkin" حيث يقول:
(نحن نعتقد ان التطور يقوم بطريقة ما وبشكل سحري بخلق لقيم أكبر من النظام على سطح هذه الأرض. والآن فان البيئة التي نعيش فيها تسير نحو التبدد والفوضى الى درجة أن الأمر أصبح واضحا حتى للعين المجردة ، وبدأنا ولأول مرة نتبنى أفكارا أُخرى حول نظرتنا نحو التطور ونحو التقدم ونحو خلق الأشياء ذات القيم المادية... ان التطور يعني خلق جزر أكبر وأكبر من النظام على حساب بحار أكبر وأكبر من الفوضى في العالم . وليس هناك عالم بيولوجي واحد ولا عالم فيزيائي واحد يستطيع إنكار هذه الحقيقة المركزية، ومع ذلك فمن يرغب في القيام في الصف أو في منبر عام وجماهيري لكي يعترف بهذا الأمر ؟)(1)
أي يعترف هذا العالم بما يأتي:
1- انهم لا يعرفون بالضبط آلية التطور ( أي كيف يتم التطور). لأن تفسير التطور بالطفرات وبالانتخاب الطبيعي لم يعد مقنعا في ساحة العلم.
2- بدءوا يدركون حقيقة واضحة وهي التناقض الواضح بين نظرية التطور التي تقول بزيادة في النظام، وبين الواقع الحقيقي الذي يُظهر أن البيئة تسير نحو التبدد والتحلل.
3- ان من الصعب على أي عالم تطوري الاعتراف بهذه الحقيقة في الصف أمام الطلاب ، او في منبر عام أمام الجماهير.
مبررات التطوريين ومعاذيرهم:
قدموا المبررات الآتية:
1- ن عمليات التطور تجري في الأرض لأنها نظام مفتوح open system وليس نظاما مغلقا closed system.
والنظام المغلق هو النظام الذي لا تخرج منه طاقة الى الخارج ولا تدخل اليه طاقة من الخارج.والكون ككل نظام مغلق حسب هذا التعريف. أما الأرض فتعد نظاما مفتوحا، لأنها تستقبل كميات كبيرة من الطاقة الآتية اليها من الشمس. ويقول علماء التطور : مادامت الطاقة تأتي الى الارض من الخارج ( من الشمس) ،اذن يمكن أن تعمل فيها عوامل التطور في مدى حياتها حتى ولو زادت الانتروبيا ( اي نسبة الفوضى) في الكون ككل، فما يهمنا هو التطور الحادث في الارض.
يقول العالم التطوري المعروف " اسحاق أزيموف" في هذا الصدد:
( لقد تطورت الحياة على الأرض - ضمن بلايين من سني وجودها - بشكل مطرد وراسخ نحو زيادة في التعقيد وزيادة في الإتقان وزيادة في النظام ... كيف تسنى حدوث مثل هذه الزيادة الكبيرة والواسعة في النظام ( أي كيف حدث نقصان كبير في الانتروبيا) ؟ والجواب على هذا هو أنه ما كان بالإمكان حدوث هذا لولا وجود مصدر هائل للطاقة التي تغمر الأرض بشكل دائم. ذلك لأن الطاقة هي التي تمد الحياة بأسباب البقاء والاستمرار ... وفي خلال البلايين من السنين التي استغرقها الدماغ الإنساني لكي يتطور كانت زيادة الانتروبيا في الشمس أكبر بكثير ، بكثير جدا من نقصان الانتروبيا الذي يمثله التطور المطلوب لارتقاء الدماغ الإنساني)(2)
وهكذا يحسب أزيموف أنه حل التناقض الموجود بين هذا القانون الفيزيائي وبين نظرية التطور، فمع أن الانتروبيا تزيد في الشمس الا انها تنقص في الأرض فيحدث فيها التطور ، لأن الارض نظام مفتوح تأتيها الطاقة من الشمس.
أليس هذا حلا رائعا وشرحا جيدا للموضوع وإزالة للتناقض بين القانون الفيزيائي وبين نظرية التطور ؟
كلا مع الاسف.
بل ان الانسان ليعجب كيف يسوغ هذا العالم لنفسه القيام بخداع الجماهير مستغلا جهلهم العلمي في هذا الموضوع.
لنسأل هذا العالم التطوري : هل يكفي ورود الطاقة الى الأرض من الشمس في تفسير ظهور الحياة فيها أصلا( دعك عن تطورها) ؟ ... أهذا هو الشرط الوحيد والكافي ؟ أليست هناك كواكب وأقمار في مجموعتنا الشمسية، والملايين من الكوكب والأقمار الأخرى في الكون تأتيها الطاقة من الخارج ولكنها محرومة من الحياة ؟
ان وصول وتوفر الطاقة شرط واحد فقط ضمن عشرات وربما المئات من الشروط الاخرى.
لقد توفرت في أرضنا شروط في غاية الدقة والحساسية لا نملك شرحها جميعا بل نشير الى أهمها اشارات مختصرة جدا:
1- بُعد الأرض عن الشمس هو البعد المناسب، فلو كانت أقرب لزادت درجة حرارتها عن الدرجة الملائمة للحياة ، ولو بعُدت أكثر لقلت درجة حرارتها عن المطلوب.
2- للأرض غلاف جوي وبسمك مناسب وبخليط مناسب من الغازات وهو خال من الغازات السامة والخانقة. والغلاف الجوي شيء نادر في الكون.
3- - تتوفر فيها كميات غزيرة ومناسبة من الماء، مع أن وجود الماء ( المالح منها والعذب) شيء نادر جدا في الكون.
4- حجم الأرض هو الحجم المناسب، فلو زاد حجمها عن الحجم الحالي لزادت قوة الجاذبية فقل ارتفاع غلافها الجوي، ولما استطاع حمايتنا من الآف الشهب والنيازك ، ولزاد الضغط المسلط على أجسامنا وزادت أوزاننا كثيرا. ولو قل حجمها لما استطاعت الاحتفاظ بالغلاف الجوي لقلة جاذبيتها آنذاك.
5- - وجود طبقة الاوزون في غلافها الجوي حفظ الحياة من عدة إشعاعات قاتلة.
6- تدور الارض حول الشمس بميل يبلغ 23م5 تقريبا وهو الميل المناسب لحدوث الفصول الأربعة، ولولا هذا الميل لأهلكت الأعاصير العنيفة كل مظهر من مظاهر الحياة على الارض.
7- سرعة الأرض هي السرعة المناسبة. فلو زادت سرعتها لتطايرت البنايات والأحياء وهلكت، ولو قلت لانسحبت المياه الى منطقة القطبين ( لأن الجاذبية في منطقة القطبين أكبر).
8- - كثافة الغلاف الجوي هي الكثافة المناسبة
9- - سمك القشرة الأرضية هو السمك المناسب.
10- -بُعد القمر عن الارض هو البعد المناسب. فلو كان أقرب لغرقت مساحات شاسعة من الأرض بفعل عمليات المد والجزر العنيفين، ولو كان أبعد لضعفت عمليات المد والجزر الضروريين، ولقلت إضاءة القمر.
لا نستطيع هنا الإطالة في شرح النظم الدقيقة والموازين الحساسة الموجودة في الارض، ولكننا نسأل " أزيموف" :
كيف تسنى نشوء كل هذه النظم الدقيقة للارض ؟ كيف تسنى تشكل كل هذه الموازين الدقيقة والحساسة للارض من الحالة البدائية الاولى للكون ومن حالة الفوضى والعماء؟ ... كيف تسنى الانتقال من الحالة البسيطة الى الحالة المعقدة ومن حالة الفوضى الى النظام ؟ ألا يمنع القانون الثاني للديناميكا الحرارية مثل هذا الأمر ؟ ألم تقل بنفسك :"حسب معلوماتنا فان التغيرات والتحولات بأجمعها هي باتجاه زيادة الانتروبيا ، وباتجاه زيادة عدم النظام وزيادة الفوضى ونحو الانهدام والتقوض" ؟
من الغريب أن يعد هذا العالم المعروف وجود كل هذه النظم الدقيقة في الارض والتي ساعدت على نشوء الحياة فيها وكأنه أمر طبيعي لا يستدعي التفكير في عوامله وأسبابه ، وكأن هذه النظم الحساسة يمكن أن توجد هكذا نتيجة صدف عشوائية !!.أي كان عليه ان يفسر لنا اولا كيف تيسر نشوء الحياة قبل ان يفسر لنا كيف تطورت الحياة. فنشوء الحياة سابق على تطورها ( ان كان هناك أي تطور)، وهذا القانون الفيزيائي يقول باستحالة نشوء كل هذه النظم الدقيقة بشكل تلقائي من الحالة البدائية للكون ، بل يجب ان تكون هناك إرادة واعية وعقل كلي وراء هذا الأمر.
اذن فهذا المبرر غير علمي وغير صحيح وتفسير قاصر جدا لانه يتناسى السبب ويطفر الى النتيجة.
2- المبرر الثاني
يقولون : ( ان القانون الثاني للديناميكا الحرارية لا يسري على الاحياء)
يقول العالم التطوري " جي.ه. رش" J.H.Rush" في هذا الصدد:
( في النمط المعقد لتطور الحياة فاٍنها( أي الحياة) تبدي تناقضا واضحا مع الميل أو النزعة التي يبديها القانون الثاني للديناميكا الحرارية.فهذا القانون الثاني يظهر ميلا لا يمكن عكسه( اوارجاعه) نحو زيادة الانتروبيا ونحو زيادة الفوضى، بينما تتطور الحياة بشكل دائم نحو مستويات أرقى من النظام. والحقيقة الملفتة للنظر هي أن السير نحو زيادة النظام أكثر فأكثر هو أيضا عملية غير قابلة للتراجع، لأن عملية التطور لا تسير الى الخلف)(3)
لنسجل هنا أولا اعتراف هذا العالم بالتناقض الموجود بين تطور الحياة ( وكأنه مسألة بديهية ) وبين القانون الثاني للديناميكا الحرارية الذي يظهر ميلا دائما نحو زيادة الانتروبيا ( أي زيادة الفوضى). ولكنه يعتقد أن الحياة نفسها تبدي أيضا ميلا نحو زيادة النظام( ولكنه لا يذكر في ظل أي قانون تقوم الحياة بهذا).
اذن ما الحل ؟ ... الحل الوحيد أمامه هو الاعتقاد بأن هذا القانون الفيزيائي لا يسري على الأحياء.
لنسأل هذا العالم سؤالين :
أ- ألا يستدعي نشوء وبداية الحياة حالة من النظام الدقيق ( كما شرحنا أعلاه)؟ فكيف نشأ هذا النظام وفي ظل أي قانون ؟ ... ألا يجب أن نفكر كيف وجد هذا النظام قبل وجود الحياة، وفي ظل أي نظام ؟ ولماذا تتجنب تناول هذا الأمر؟
ب-أليست العمليات الحيوية التي تجري في أجساد الكائنات الحية عمليات كميائية
وبيو كيميائية على درجة كبيرة من التعقيد؟ أم أن هذه العمليات ليست كذلك بل هي شيء سحري لا نعرف ماهيتها ؟.
لا شك انها عمليات كيميائية وبيو كيميائية معقدة ، لذا يشملها القانون المذكور. والعلماء يعترفون بهذا ، فمثلا يقول العالم ( د.هارولد بلوم Dr. Harold Blum ):
( مهما بذلنا من عناية في فحص علم الطاقة للنظم الحية ( أي للكائنات الحية فاننا لا نجد أي شواهد على إخفاق مبادئ الديناميكية الحرارية ، أو على عدم سريانها، ولكننا نواجه هنا درجة من التعقيد لا نشاهدها في العالم غير الحي)(4).
اذن فالفرق الوحيد هو الدرجة العالية من تعقيد العمليات الجارية في الكائنات الحية. وهذا الفرق أدعى لإنكار نشوئها ثم استمرارها بشكل تلقائي ونتيجة للصدف العشوائية.
3- المبرر أو العذر الثالث: ( ان هذا القانون الفيزيائي بيان إحصائي statical statement) لذا قد يكون هناك بعض الاستثنآت).
وهذا المبرر يُظهر مدى اليأس الذي وقع فيه التطوريون. فالعلماء يعلمون جيدا أن كثيرا من القوانين العلمية لها الصفة الإحصائية، ولا يقدح هذا في صحة هذه القوانين ولا في النتائج التي تتوصل اليها. وقد يتذكر القراء من المقالة السابقة مثال زجاجة العطر ان فتحناها في غرفة اٍنتشرت رائحتها فيها، ولكن لا يمكن رجوع جميع جزيئات العطر الى الزجاجة بطريقة تلقائية، وعملية الرجوع هذه تبقى احتمالا نظريا يقرب من الصفر لانها مستحيلة في الواقع العملي ، وان افترضنا المستحيل ووقعت هذه العملية مرة واحدة في عمر الكون لما وقعت مرة اخرى.
ولكن تطور الحياة ( حسب رأي التطوريين) عملية دائمية ومستمرة دون انقطاع، وليس حالة نادرة، بل عمل منذ ظهور الحياة وأنتج - بزعمهم- ملايين مختلفة من أنواع الاحياء ، لذا كيف يمكن قبول هذا العذر أو هذا المبرر الواهي.
4- المبرر أو العذر الرابع: يقولون:
( يحتمل ان القانون الثاني لم يكن ساريا في الماضي)
ولماذا يكون هذا القانون من دون سائر القوانين غير سار في الماضي؟ لماذا تكون قوانين الجاذبية والضوء والكهرباء والصوت ... الخ ساريا في الماضي ولا يكون هذا القانون ساريا ؟ وهل سريان أي قانون مرتبط بالزمن ؟
والظاهر ان التطوريين وهم في غمرة الدفاع عن نظريتهم ( المقدسة!) ينسون حتى بعض مبادئهم الأساسية ، وسنقوم هنا بتذكيرهم بمبدأ من مبادئهم الاساسية ونطلب منهم ان يذاكروا دروسهم جيدا ولا ينسوها.
من المبادئ الأساسية عندهم مقولتهم المشهورة :( الحاضر هو مفتاح للماضي The present is the key to the past ) وما يقولونه في هذا التبرير يناقض هذا المبدأ الاساسي عندهم .
5- المبرر أو العذر الخامس
وهو أعجب المبررات وأكثرها مدعاة للضحك اذ يقولون ( يحتمل أن القانون الثاني للديناميكا الحرارية لا يسري في أجزاء اخرى من الكون )!!.
أرأيتم ؟ ... أرأيتم مدى العجز الذي وقع فيه هؤلاء التطوريون وهم يحاولون يائسين الدفاع عن نظريتهم المتداعية أمام حقائق العلم وقوانينه ؟
أولا: هذا افتراض من الافتراضات الخيالية التي لا يوجد له اي سند أو دليل علمي ، وسحب للموضوع الى عالم الافتراضات والخيالات والتخمينات التي لا أول لها ولا آخر.
ثانيا: توضع النظريات العلمية للظواهر التي نتصل بها بأحد حواسنا الخمسة، أو بآثار هذه الظاهر مع استعمال النشاط العقلي ... هنا لا نجد أي سمة من هذه السمات الضرورية لوضع النظريات أو للتوصل الى القوانين العلمية.
ثالثا : نحن نتكلم عن نظرية التطور التي وضعها " دارون " لتفسير ظاهرة وجود الحياة وتشعبها وتعددها في أرضنا هذه التي نعيش عليها ونراها ونشاهدها، ولم يضع نظرية تتناول الحياة على كوكب بعيد ومجهول وموجود في أغوار الكون لا نراه ولا نعرف عنه شيئا.
رابعا: أليست جميع الأدلة (الزائفة) التي يقدمها أنصار التطور مستقاة من مظاهر الحياة الواقعية في عالمنا هذا وليس في كوكب أو موضع بعيد عنا لا نراه ولا نعلم عنه شيئا؟.
هذه هي المبررات والمعاذير التي يحاول أنصار التطور في يأس الاستناد إليها لإنقاذ نظريتهم ( المقدسة!) من براثن هذا القانون العلمي الذي يقتلع نظريتهم من جذورها.
وكما رأى القراء فان جميع هذه المبررات والمعاذير مبررات واهية لا تصمد أمام أي بحث جدي، بل ان بعضها مبررات هزلية لا يملك الإنسان حيالها سوى الضحك بإشفاق عليهم.
وهنا نذكر لأنصار التطور الشروط الضرورية لزيادة النظام في اي عملية تحول لكي يكفوا عن ايراد مبررات ومعاذير واهية في هذا الصدد:
هناك شروط أربعة في هذا الخصوص:
1- ان يكون النظام نظاما مفتوحا open system
2- توفر طاقة قابلة للاستفادة منها Avaible energy
3- وجود برنامج يوجه النمو نحو التعقيد Program to direct the growth in ) complexity (مثل البرامج الموجودة في البذور، او في جزيئات D.N.A. لدى الاحياء)
4- آلية تقوم بخزن وتحويل الطاقة الواردة Mechansm for storing and convertingin coming energy ( مثل عملية التمثيل الضوئي في النباتات، وعمليات الايض في الحيوان، والمكائن المستخدمة في بناء الابنية وغيرها)
الهوامش
1- Geremy Rifkin " A New world view " Newyork, viking press 1980 p. 55
2- Isaac Asimov " Can Decreasing Entropy Exit in The Universe?
Science Digest May 1973 p. 76
3- J.H.Rush :" The Dawn of life " Newyork, Signet, 1962 p.35
4- Harold F.Blum :" Time,s Arrow and Evlotion " Princton N.J: Princeton university press 1962 p. 14