المؤتمر الطبي السنوي السابع والعشرون في مدريد  في أعين الصحافة

الدكتور نديم سراج نائب رئيس الإتحادأجرى وكالة انباء القدس الدولية  مقابلة صحفية مع الدكتور نديم سراج نائب رئيس الإتحاد بخصوص مواضيع المؤتمر الطبي السابع والعشرون لإتحاد أطباء العرب في اوروبا والذي سوف يعقد في مدريد حيث ادلى بالتقرير التالي :

مؤتمر "الأطباء العرب في أوروبا" يناقش دور"رياح التغيير في المنطقة" على مناخ البحث العلمي

مدريد /إيثار العظم/ خدمة قدس برس

تشهد بدايات العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين هبوب رياح التغيير في جنبات البيت العربي، والذي تنشط في أركان مختلفة منه حراكات شعبية تنادي بإصلاحات شمولية تطال مختلف مناحي الحياة. وفي الوقت الذي يرى فيه محللون أن "رياح التغيير" تُهيىء لمناخ عربي جديد، يعتقد آخرون بأن توابعها لا بد وأن تطال بقية أرجاء العالم، سواء لما لتلك المنطقة من أهمية في حسابات الدول الاخرى، أو من منطلق أن الحاجة إلى التغيير، وإن اختلفت صوره، تمثل مطلباً إنسانياً مشتركاً لا يختص بشعب دون غيره. وبالتزامن مع تلك التحركات يبرز حراك عربي جديد من نوع آخر، يأتي من الغرب هذه المرة، يسعى إلى إثارة تساؤلات حول توجهات - بدت وكأنها من الُمَسَلمات - سادت في مجال النشاط العلمي العالمي خلال الحقبة الماضية. وينشط هذا الحراك الثقافي العلمي تحت مظلة "اتحاد الأطباء العرب في أوروبا"، ضمن فضاء مؤتمره السابع والعشرين، والذي سيُعقد الخريف القادم في العاصمة الإسبانية مدريد، وهو يتناول مفهوم العلمية في القرن الحادي والعشرين من خلال ندوة تفاعلية تفتح حواراً بين التخصصات المتعددة والثقافات المختلفة، في محاولة لفهم التغيرات والتطورات التي يشهدها العالم من خلال تناول مفهوم العلمية العالمية، مع إبراز تأثير النظريات العلمية في مختلف المجتمعات في العالم، وكشف النقاب عن الخلفيات السياسية والاجتماعية في عصرنا. وتتناول الندوة تحت عنوان "العلم العالمي..الرسائل العلمية لمفهوم العلمية في القرن الحادي والعشرين" عشرة من المبادىء حول مفهوم البحث العلمي في القرن الحالي، وتحاول تطبيقها في عدد من المجالات هي : الطب وعلوم تقنية المعلومات والاقتصاد، بالإضافة إلى مجال العلاقات الدولية. البحث العلمي وخصوصية الشعوب: ويسلط المشاركون الضوء على أهمية الخصوصية لدى الشعوب والدول فيما يتعلق بقناعاتها وثقافتها، وبالتحديد ما اتصل بمجال البحث العلمي، وذلك من منطلق أن العلم ليس محصوراً على دولة أو مجتمع بعينه، مع التأكيد على احترام طريقتها الفردية في مشاهدة الأمور وأسلوب حلها.

وفي هذا السياق يرى الباحث في مجال علوم الفلسفة والاختصاصي بطب العيون الدكتور نديم سراج الدين، وهو رئيس الندوة، أن معرفة الباحث بالقضايا المحلية في بلده، وجعل الاحتياجات المحلية عاملاً رئيساً في تحديد اولوياته، مع مراعاة الخلفية التاريخية والطبيعية والثقافية لبلاده، يضعه على الطريق الصحيح ويوجهه بشكل سليم في مجال البحث العلمي، وهو ما يتوجب ان ينطبق على الباحث في العالم العربي. ويشارك في الندوة التي ستعقد في الثامن والعشرين من شهر تشرين أول (أكتوبر) القادم كلاً من سفير جامعة الدول العربية في فرنسا والمراقب الدائم لدى اليونسكو الدكتور ناصيف حتي، واستاذ نظم المعلومات بالجامعة التطبيقية بنوريمبرغ في المانيا؛ الدكتور الفرد هول، والسيد أندرياس ريانموث، وهو مختص في مجال العلوم التجارية والثقافية من ألمانيا، فيما يترأسها نائب رئيس اتحاد الأطباء العرب في اوروبا الدكتور نديم سراج الدين.

وستتناول الندوة ما يمر بالتطور العلمي من أزمات نجمت عن ما انتهجه من "مسار ثوري"، كما ستتناول التعددية المنهجية في مجال البحوث، من منطلق أن الطرق التي تقود إلى الحقيقة ليست محددة أو حصرية، فتاريخ العلم هو تجسيد لتاريخ الخطأ والصواب، وفقاً لهذا الطرح.

"قيادة الخبراء"...تساؤلات:

ويطرح المشاركون مسألة العلاقة بين المصلحة والمعرفة في مجال البحث العلمي، والتي قد تلعب دوراً في تحديد توجه العلماء والباحثين وترتيب أولوياتهم، الأمر الذي قد يجعل نشاطهم العلمي تمثيلاً لمصلحة تتخفى بغطاء المعرفة في بعض الأحيان. كما تتناول الندوة ظاهرة ما يسمى "قيادة الخبراء" أو expertocracy، وما لذلك من تأثير على المنظور العلمي، الذي يرى البعض أنه قد يضيق بطريقة غير مقبولة نتيجة لذلك.

وفي هذا السياق يحاجج الدكتور سراج الدين، وهو محاضر سابق في جامعتي "فرانكفورت" و "جيسينغ" في ألمانيا، بأن الحس السليم هو منطقياً وشكلياً أكثر شمولية وعمومية من نتائج المنطق المحدود، موضحاً ان الحجج والبراهين التي تستند إلى تفكير وتعليل أكبر أهمية في كثير من الأحيان من البراهين الاحصائية والعددية، من وجهة نظره.

كما أشار الباحث، في تصريح خاص لوكالة قدس برس، إلى أن حكم الخبراء قد يعدل الآراء العلمية والنتائج في القواعد والقوانين حسب مصلحته، وليس بالضرورة حسب المعرفة الموضوعية، وبذلك تتحول المعرفة كأداة للسلطة، وفقاً لما يرى. من جانب آخر تسلط الندوة الضوء على المبدأ الذي ينادي بالتخلي عن فكرة السيطرة على الطبيعة، ويدعو إلى التطلع نحو المصالحة معها، إذ أن ذلك التوجه قد يساعد على استعادة البحث العلمي أهميته الخاصة في إطار الأخلاقيات في خدمة الإنسانية. كما سيطرح المشاركون قضية الدعوة إلى إقامة التوازن الاستراتيجي للنهج البحثي بين عدد من المجالات التي باتت تربطها علاقة - تبدو وكأنها تنافسية - تعمل على إبرازها كمتضادات مثل الاقتصاد والبيئة، والتكنولوجيا والبيولوجيا، والمواد الصناعية والمواد الطبيعية.

الثورات العربية ومستقبل البحث العلمي: ويطرح المشاركون في الندوة تساؤلات حول ما إذا كان بالإمكان نيل الحرية السياسية وتحقيق مبدأ السيادة الوطنية، في ظل استمرار الاعتمادية العلمية على الثقافات الغربية. وهنا أوضح الدكتور سراج الدين، في حديث مع "قدس برس" أن التفكير الأيديولوجي السياسي النظري انتهى بسقوط الاتحاد السوفياتي وتراجع المد الشيوعي، ليُفتح الباب أمام الاهتمام بالعلوم وتغير التوجه في التفكير، الامر الذي أسهم في تطور المنطق والأسلوب العلمي.

أما في العالم العربي فاعتبر الدكتور سراج الدين، وهو طبيب باحث سوري مقيم في ألمانيا، أن الأنظمة السياسية العربية لم تع ضرورة مواكبة التطورات فيما يختص بالتقدم العلمي، في الوقت الذي كانت تتحكم في موارد تمويل البحث العلمي وتحدد اولوياته، فيما ساد توجه بين الباحثين هناك نحو استيراد "البحث العلمي" بأدواته وأساليبه كرزمة كاملة، بما لا يراعي خصوصية البلاد وخلفيتها التاريخية والثقافية والطبيعية. كما يعتقد الباحث في مجال الفلسفة السياسية، أن العالم العربي لم يكن مهيئاً لعصر العولمة وبالتحديد ما يتصل بالانفتاح العلمي بين الدول، إذ أن النخبة السياسية الحاكمة فيه لم تبد اهتماماً كافياً برعاية الباحثين وتوجههم للتأسيس لمنطق وأساليب علمية، بما يحقق التوازن للبلاد في حقبة الانفتاح التي يشهدها العالم، تماماً كعدم وعيها بالتغيرات غير المرئية التي طالت شعوبها، والتي عكست في الوقت الراهن تطوراً إنسانياً مفاجئاً، من وجهة نظره.

ويرى الباحث أن الثورات العربية التي تشهدها المنطقة حالياً تعد بتغير في التوجه في التفكير لدى الشعوب العربية، وهي من وجهة نظره ُتذكر بما حدث في الثورة البيضاء التي شهدتها ألمانيا عام 1989، والتي انتهت بسقوط جدار برلين. وفي هذا السياق شدد الباحث على أنه في الوقت الذي تعد فيه الثورات البيضاء، التي يرى أنها تمثل في جوهرها حركات تغيير، بتحول في التوجه في التفكير والنزوح نحو تحرر الفكر، وما قد يرتبط بذلك من التهيئة لمناخ علمي إيجابي، فإن الثورات الحمراء قد تنتهي بزيادة فرض القيود على العقل البشري. وعبر الباحث في ارض الاغتراب عن أمله في أن ترقى الأمة العربية بأنشطتها الفكرية والإنسانية، لتفرض احترامها على كافة شعوب الارض، وتحظى بالمكانة التي تليق بها في هذا العالم.

إكسبرس نيوز" أوروبا/ أطباء عرب/ مؤتمر (خاص)

الخميس 8 أيلول (أغسطس) 2011

إيثار العظم/ خدمة قدس برس